إمكانات هائلة للنمو والتطور وخلق المزيد من فرص الشغل بالعالم العربي

الأربعاء 03 يناير 2024
صورة المقال

يتوفر العالم العربي اليوم على إمكانات هائلة للنمو والتطور، غير أن هذا النمو لا يسمح بإتاحة فرص كافية للشغل وخاصة في صفوف النساء والشباب، مما يطرح العديد من التساؤلات بشأن هذا التناقض وأسبابه، في ظل توقع التحاق الملايين من الشباب بسوق الشغل خلال الخمس سنوات المقبلة، وما سيرافقه من إشكالات مرتبطة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وإقرار مبدأ الشفافية في الاستفادة من المناصب المتاحة.

وعلى الرغم مما تحقق من مكاسب في الآونة الأخيرة، حسب دراسات وتقارير منجزة من قبل العديد من المؤسسات المالية الدولية، فإن النمو الإقليمي لازال منخفضا وتستأثر بمنافعه قلة قليلة من السكان، ويبقى متوسط الدخل ثابتا مقابل اتساع دائرة الفقر في مناطق الصراعات، مما يولد الكثير من الإحباط لدى فئات عريضة بسبب نقص فرص العمل وعدم توفر خدمات عالية الجودة وبتكلفة معقولة.

وتتيح هذه المكاسب، إلى جانب تحسن الاقتصاد العالمي، فرصة لتنفيذ إصلاحات من شأنها تعزيز آفاق النمو على المدى المتوسط وتحقيق النفع للجميع مما يفرض على سياسات المالية العامة، حسب ذات التقارير، تدعيم الأنشطة التي تسهم في زيادة النمو والعمل على تحسين الفرص المتاحة للجميع من خلال الرفع من الإنفاق الاجتماعي وتعزيز فعاليته وفرض ضرائب عادلة موجهة بدقة نحو الفئات المستهدفة، إلى جانب تطوير القطاع الخاص عبر إيجاد أنظمة مالية فعالة وتطبيق قواعد تنظيمية من شأنها تحقيق تكافؤ الفرص ومساعدة الشركات على النجاح.

وتبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز النمو والرفع من فرص الشغل بمنطقة العالم العربي، انطلاقا من كون أكثر من 60 في المائة من سكان المنطقة دون سن الثلاثين. فوفقا لتقديرات منظمة العمل الدولية سيلتحق بسوق الشغل حوالي 5ر5 مليون شاب سنويا مما يستدعي تحسين مناخ الأعمال وتوفير الظروف الملائمة لتطوير القطاع الخاص حتى يسهم في دعم جهود تحقيق النمو الشامل وتوفير فرص عمل جديدة لشباب المنطقة، وذلك باعتباره محركا لإحداث مناصب الشغل في ظل محدودية التوظيف بالقطاع العام.

ويأتي المؤتمر الإقليمي للنمو الشامل، المنظم اليوم الثلاثاء بمراكش حول موضوع "الازدهار للجميع .. تعزيز الوظائف والنمو الشامل في العالم العربي" من قبل صندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والمملكة المغربية، لينتقل بالنقاش حول النمو الشامل بالعالم العربي من مرحلة الإقرار إلى مرحلة التنفيذ من خلال اقتراح وطرح الآليات والوسائل الكفيلة بتجاوز هذه المفارقة وتحرير الإمكانات الكامنة بالمنطقة لخلق مزيد من مناصب الشغل، مع الاستفادة من قطاعات النمو الجديدة.

ويحاول المؤتمر الإجابة عن التحديات التي تعرقل سياسات النمو الشامل، وبحث التدابير اللازمة لتوسيع نطاق تنفيذ الإصلاحات بغرض إتاحة مزيد من الفرص، لاسيما للشباب والنساء، ومدى قدرة صندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي على المساعدة في تنفيذ الإصلاحات.

كما يتطرق المشاركون في هذا الملتقى، إلى السياسات التي من شأنها تحقيق نمو أكثر استدامة وأكثر اندماجا وتوفير فرص للجميع، وكذا كيفية ترجمة هذه التدابير إلى إجراءات عملية وملموسة.

ويشارك في هذا المؤتمر مسؤولون من مستوى رفيع، ومسؤولون عن المقاولات وجامعيون وشباب والمجتمع المدني بالعالم العربي ومناطق أخرى، وذلك لتبادل التجارب والخبرات والأفكار حول سبل خلق فرص العمل.

ويعتبر انعقاد هذا المؤتمر بالمغرب، فرصة لإبراز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تبنتها المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على مستوى نمو القدرات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والدور الذي يضطلع به صندوق النقد الدولي بالمنطقة.

وتعتبر هذه التظاهرة، مناسبة لمناقشة كيفية زيادة الفرص المتاحة للنساء والشباب وتشجيع ريادة الأعمال والابتكار مع تبني الشفافية والتكنولوجيا للنهوض بالإمكانات الكامنة في المنطقة، والسبل الكفيلة بتحقيق الازدهار للمشاريع الصغيرة والمتوسطة على نطاق واسع، وتوثيق مشاركة العالم العربي في سلاسل القيمة العالمية، وإصلاح التعليم والتدريب لإعداد الشباب للعمل في القطاع الخاص. 

كما يتدارس المشاركون كيفية مساهمة التكنولوجيا المالية في تعزيز فرص الحصول على الخدمات المالية للشباب والنساء والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والآليات لتمكين المرأة ودعم مشاركتها في سوق العمل، وكيف يمكن لشبكات الضمان الاجتماعي الموجهة بدقة للمستحقين أن توفر الحماية لمحدودي الدخل، وكيفية مواجهة تحديات البطالة بين الشباب وتنمية المهارات.

ويتطرق المؤتمر أيضا، للكيفية التي يمكن من خلالها للحكومات إعادة توجيه سياساتها وميزانياتها لدعم القطاع الخاص وتعزيز الاندماج، وإنشاء البنية التحتية للنمو والتجارة، وتحسين مستوى الشفافية ورفع درجة المساءلة، وضمان توفير الحماية الاجتماعية الكافية.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

أترك تعليق